راية الثورة العربية الكبرى - أم الرايات

 جرى، خلال الاحتفال، استعراض عسكري كبير وحملت الراية على عربة مدفع، ومن ثم قُدّمت إلى الأمير فيصل، الذي أقسم على المحافظة على هذه الراية مرفوعة عالية، ومن ثم أقسم الجيش من ورائه هذا القسم.

بعدها، انتقلت الراية إلى جميع وحدات الجيش العربي في ميداني الحجاز والأردن، وأبلغ الشريف الحسين مواصفات الراية الجديدة للحلفاء برسالة أرسلها للمعتمد البريطاني في القاهرة طالبا عدم التعرض للسفن والوحدات العسكرية التي ترفع الراية العربية الجديدة.

ونشرت جريدة القبلة في عددها رقم 82 بيانا أوضحت فيه مواصفات راية الثورة العربية الكبرى.

بدأت فكرة علم الثورة العربية الكبرى من خلال رموز النهضة العربية، ولا دور لأي أجنبي في ذلك، فقد رفعت قوات الثورة العربية الكبرى أولاً العلم الهاشمي الأحمر وهو علم الهاشميين منذ عهد الشريف أبي نمي الذي عاصر السلطان العثماني سليم الأول عام 1517م، وحين انطلقت الثورة العربية الكبرى عام 1916م.

وجاءت فكرتها من أهمية تصميم علم يمثل التاريخ العربي والحضارات الزاهرة ويتفق مع أهداف الثورة التي هي هاشمية عربية، فكان التصميم الأول على شكل أربعة مستطيلات، تبدأ بالأبيض ثم الأسود فالأخضر ثم الأحمر، ثم جرى التعديل على شكل العلم ليكون اللون الأحمر الهاشمي على شكل مثلث يتصل بالألوان الثلاثة: الأسود وهو علم الدولة العباسية، والأخضر وهو علم الدولة الفاطمية، والأبيض وهو علم الدولة الأموية، ليكون بالتالي علما ممثلا لحضارات الأمة العربية والإسلامية، وأن الثورة العربية الكبرى هي الامتداد لهذه الحضارات الأصيلة.

 حملت الثورة العربية الكبرى هذه الراية الجديدة ودخلت قوات الثورة العربية لوحدها إلى العقبة يوم 6 تموز1917م، وهي ترفع هذه الراية، وانتقلت فيما بعد قيادة الثورة إلى العقبة لتواصل عملياتها وانتصاراتها إلى أن دخلت إلى دمشق لتؤسس الدولة العربية المستقلة بقيادة الملك فيصل الأول في 2 تشرين الأول 1918م.

وبسبب تاريخية هذا العلم وقيمة معانيه، فقد دخل في تصميم أعلام مختلفة في أرجاء الوطن العربي، وأصبح علم الثورة العربية الكبرى علما للمملكة السورية عام 1918م، ثم أُضيفت النجمة السباعية يوم إعلان استقلال المملكة السورية بقيادة فيصل بن الحسين، في 8 أذار 1920م.

وحين وصل الأمير عبد الله الأول إلى عمان عام 1921م اعتمد نفس الراية علما لحكومة شرق الأردن، وفي عام 1922م تم تغيير ترتيب الألوان ليصبح اللون الأبيض في الوسط ليصبح مميزا عن بعد.

واتخذت حركة التحرير الوطني الفلسطيني راية الثورة العربية علماً لها ولغاية الآن، بتعديل اللون الأبيض بالوسط.

ووضع الأردن تفسيرا لوجود النجمة السباعية باعتبار أنها تمثل فاتحة الكتاب الكريم، والتي تشير إلى المثاني السبع، وهي التوحيد بالله والتواضع والعدالة الاجتماعية والدعاء للنهج المستقيم، وإدراك المنى والأهداف وسمو الإنسانية، والشعور بالإحساس القومي.

وتعد الراية، التي يمتلكها الأردن بنموذجها الأصلي، واحدة من رايتين بقيتا منذ بدايات إنطلاق الثورة العربية الكبرى، فيما توجد الراية الأخرى في المتحف الحربي الإمبراطوري في لندن.

وصمم هذه الراية، التي صُنع منها عدد قليل في تلك الفترة، الشريف الحسين بن علي، قائد الثورة العربية الكبرى.

وكان الأردن استعاد في وقت سابق هذه الراية، التي كانت تعرض في قاعة "سوذبي" في لندن المختص بالمقتنيات التراثية العريقة والقديمة، بناء على توجيهات ملكية.

وخلال احتفال جرى عام 2012م بمناسبة يوم الجيش والثورة العربية الكبرى، قدم جلالة الملك عبدالله الثاني هذه الراية الأصلية إلى القوات المسلحة الأردنية حامل لواء الثورة العربية الكبرى، هذا الجيش الذي نواته الأولى هي الجيش الشرقي الذي قاده الملك المؤسس عبدالله بن الحسين خلال الثورة العربية.

ولعلنا هنا نقف عند بعض من كلمات الشاعر الأردني الكبير حيدر محمود، حين قال بين يدي جلالته في ذلك الاحتفال:

 

والشريفُ الحسينُ, يشرق شمسا في عيونِ الأبناءِ, والأحفادِ

وينادي: سلمتً يا قرةَ العيــنِ الذي صان رايةَ الأجـــــدادِ

هيَ أمُ الراياتِ, أعطت وتعطي كل حــرٍ"شهـــادةَ الميــلادِ"

سيدي, سيدَ الرجالِ, وعيدُ الجيشِ أحلى وأكرمُ الأعيادِ

سوفَ تبقى "هذه الهديةُ" للفرسانِ مزروعةٌ بكلِ فؤادِ

فهيَ أغلى من كل غالٍ, وأعلى من نخيلِ الدنيا, نخيلُ بلادي

فأقيمي ,يا من يقيمُ "أبو الثوارِ" فيها الصــلاةَ فــي الميـعــادِ

 قادمٌ جيشكِ الذي تشهدُ "الصخرةُ", كم في الرحابِ من أكبادِ

إنهُ قادمٌ , فقولي لأبوابكِ أن نلتقي ببابِ الوادِ