اتخذت جريدة القبلة الآية الكريمة "وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه" سورة البقرة، الآية 143، شعاراً لها، ومنها اختار الشريف الحسين بن علي اسمها لتكون أول جريدة عربية هاشمية تصدر في الحجاز.

تولى رئاسة تحرير القبلة، التي كانت تصدر مرتين في الأسبوع "الاثنين والخميس"، محب الدين الخطيب ثم الشيخ الطيب الساسي، واقتصر العدد الأول منها على أخبار الثورة العربية الكبرى "النهضة العربية" في الحجاز مسجلاً تسلسل أحداثها، إضافة إلى مقالات النهضة العربية، كما تضمن العدد قصيدة للشاعر فؤاد الخطيب.

              حيّ الشريف وحي البيت الحرما             وانهض فمثلك يرعى العهد والذمما

كما تضمن العدد، الأخبار والبلاغات والإعلانات المتعلقة بسير الحياة العربية للدولة الفتية في الحجاز والعمليات العسكرية لجيوش النهضة العربية الشرقية والشمالية.

واتسمت القبلة، التي أشرف على تحرير مقالاتها الشريف الحسين، ببساطة المظهر والترتيب مبتعدة عن الكتابة بالعامية، وكتبت مقالاتها بأسلوب عربي رصين، وكانت أعمدتها حافلة بالمقالات التي تعالج القضايا العربية والإسلامية وحتى العالمية.

لم تكن مجرد جريدة محلية للحجاز بل تعدى مجال اهتمامها ذلك، متفاعلة مع القضايا القومية والإسلامية والإنسانية المطروحة في تلك الفترة بجرأة، وهذا برز من خلال تعاملها مع الصحافة العربية والعالمية، فنجد أنها حافلة بتبادل الأخبار والمقالات مع الصحف والمجلات ووكالات الأنباء ومن أهمها: وكالة رويتر، وصحف وادي النيل، والمؤيد، ونير إيست، والمقطم، وغيرها.

وشرحت القبلة، التي كانت تصدر بأربع صفحات من القطع الكبير، المشروع النهضوي الهاشمي وردود الفعل عربياً وعالمياً وإسلامياً بإسهاب من خلال التعاون القائم بينها وبين هذه الصحف، حتى كانت المصدر الأساس والسجل الحافل للنشاط الفكري والسياسي الذي شهدته المنطقة العربية في الفترة ما بين 1916-1924م، كما أوضحت بدايات النهضة التعليمية والاقتصادية والزراعية والاجتماعية في الحجاز، والتي تمثلت بإنشاء المدارس والمعاهد وإقامة المشافي وتنظيم الأحوال العامة.

اكتسبت الجريدة أهميتها لكونها المصدر الرئيس الذي أرخ للنهضة العربية الكبرى من جوانب متعددة، فكرية وعسكرية واجتماعية وسياسية، غير غافلة عن الأحداث السياسية والعالمية، مبرزة موقف الأمتين العربية والإسلامية منها لكونها ملتقى مفكري الأمة والناطقة باسم الذين كانوا طرفا رئيسا في هذه النهضة ومنطلقاتها وأسبابها وبعدها الجغرافي.

ومن الجدير ذكره أن أول جريدة صدرت قبل العهد الهاشمي هي "الحجاز" في عام 1908م، وكانت تحرر باللغتين العربية والتركية، ثم جريدة أخرى باسم "شمس الحقيقة"، لكن جريدة الحجاز كانت الجريدة الرسمية، وظلت تصدر حتى تحرير مكة، فانتقل مكان صدروها إلى المدينة المنورة.

وإلى جانب القبلة أذن الشريف الحسين بن علي بإصدار جريدة "الفلاح"، التي كانت تسير على سياسة جريدة القبلة، كما أمر الشريف بإصدار مجلة زراعية بإسم "المجلة الزراعية "، لكن بقيت القبلة الجريدة الأولى على مستوى المنطقة.

واحتفاء بمئوية الثورة العربية الكبرى، ستقوم بعض الصحف الوطنية الرئيسية بإعادة نشر أول 100 عدد من صحيفة القبلة.