العرب يطالبون بالاستقلال في مؤتمر الصلح

تمكن الأمير فيصل، خلال مؤتمر باريس الذي التقى فيه رئيس الوزراء الفرنسي جورج كلمنصو وجرى البحث في القضية العربية وتطلعات العرب والمطالبة بالاستقلال، من عرض مطالب العرب بعد أن فُتح المجال لأي جهة بتقديم مطالبها، من خلال مذكرة، جاء فيها "إن والده أصبح أثناء الحرب زعيماً للحركة القومية العربية نزولاً عند رغبة فرعي الحركة في سوريا والعراق، اللذين بعثا بنداء إليه ليتزعم الحركة".

وطالب الأمير باستقلال العرب، كما نصت عليه مراسلات الحسين- مكماهون، ولكن فرنسا تمسكت برغبتها بفرض سيطرتها على سوريا بحجة مساعدة الشعب هناك على التقدم وحماية الأراضي السورية من أي اعتداء أو مطامع.

واشتد الحوار داخل قاعة المؤتمر لكن الأمير فيصل حافظ على هدوئه، إلى أن استفزته التلميحات بأن العرب شعب غير مثقف أو متطور، فخاطب الأمير الحضور بصوت جهور "إنني أنتمي إلى شعب يتمتع بالحضارة عندما كانت جميع الشعوب الأخرى الممثلة في هذه القاعدة مسكونة بالبرابرة"، وعندما حاول ممثل إيطاليا أولاند الرد قاطعه الأمير فيصل قائلاً "أجل هكذا كان الأمر حتى قبل تأسيس روما"، فتقرر بعد ذلك وفي تاريخ 21 آذار 1919م إرسال لجنة أمريكية للوقوف على حال الشعب العربي ومعرفة رغبته ورأيه.

وكان مؤتمر باريس شهد توقيع معاهدة فرساي، والتي قُسمت بموجبها ألمانيا إلى مناطق وفرض الانتداب عليها، كما وفرضت شروط عسكرية شديدة ضدها.

اللجنة الأمريكية كنغ كراين تزور بلاد الشام

غادر الأمير فيصل إلى سوريا في 23 نيسان 1919م للاستعداد لزيارة اللجنة الأمريكية، بعد أن وكل عنه في عضوية مؤتمر الصلح عوني عبدالهادي، حيث عُقد اجتماع شعبي كبير برئاسة محمد فوزي العظم في صالة النادي العربي بدمشق، وألقى الأمير فيصل كلمة الإفتتاحية التي وضح فيها هدف اللجنة الأمريكية التي ستصل وطبيعة مهمتها.

وزارت اللجنة، التي استغرقت مدة تواجدها في المنطقة 42 يوماً، 36 مدينة عربية، واستمعت إلى 1520 وفدا من قرى مختلفة، وقُدمت إليها 1863 عريضة، جميعها طالبت بالاستقلال والوحدة. وفي 3 تموز 1919م، قابل وفد المؤتمر السوري اللجنة الأمريكية، وأبلغوهم بطلبهم باستقلال سوريا الكبرى وإقامة نظام ملكي فيها.

بعد انتهاء اللجنة الأمريكية كنج – كراين من عملها جاء في توصياتها "إن بلاد الشام ترفض السيطرة الأجنبية، ويُقترح فرض نظام الانتداب تحت وصاية عصبة الأمم المتحدة حيث أن العرب مجتمعين على أن يكون الأمير فيصل ملكاً على الأراضي العربية دون تجزئتها".

وسلمت اللجنة تقريرها إلى الرئيس الأمريكي ولسن في 28 آب 1919م الذي كان مريضا، وأهمل التقرير بعد تغيير ولسن موقفه بسبب معارضة كبار الساسة الامريكيين في مجلس الشيوخ "الكونغرس" له، لمخالفته سياسة منرو الإنعزالية التي تتبعها أمريكا منذ عام 1833م، والتي تقضي بعدم التدخل في شؤون أوروبا وعدم تدخل أوروبا بشؤون أمريكا.