العرب ينادون بالشريف الحسين زعيماً

جاء تفويض النواب العرب للشريف الحسين، من خلال مذكرة رفعها طالب باشا النقيب، نقيب أشراف البصرة ورئيس الجمعية الإصلاحية فيها، برسالة منه جاء فيها  "ونحن نعترف بغيرتكم على ديننا وأمتنا. إننا مستعدون للقيام إلى جانبكم إذا قمتم لخلع هذا النير الذي أثقل كاهل العرب لانتشالهم مما هم فيه من الظلم والعبودية".

أما مذكرة النواب العرب، فقد خاطبت الشريف الحسين "نحن نواب العرب في مجلس المبعوثان نقرّك على إمارة مكة، ونعترف لك دون سواك بالرئاسة الدينية على جميع الأقطار العربية، وإجماعنا هذا هو بالنيابة عن أهل بلادنا نجهر به عند الحاجة، والله يحفظك لأمتك، ويساعدك لدفع الشر عن دينك".

وآثر الشريف الحسين على تقديم رؤاه ونصائحه تجاه محطات مهمة في التاريخ، ومنها النصيحة التي قدمها لتركيا بعدم دخول الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا، فقد كان الشريف يعتقد أن العرب شركاء للأتراك في إدارة شؤون الدولة، وأن من حقهم المشاركة في اتخاذ القرار السياسي الذي يتعلق بمستقبلها ومصيرها.

رافق دخول تركيا للحرب قيام جمال باشا بأعمال اضطهاد واعتقال ونفي وإعدام بحق العرب في سوريا والعراق من ناحية، ومن ناحية ثانية تدهور أوضاع البلاد العربية "السورية خاصة" الاقتصادية إلى درجة أن الناس راحوا يبحثون في أكوام النفايات لعلهم يعثرون على قشور البرتقال وقطع الطعام أو أي نوع من أنواع الفضلات يسدون به الجوع الشديد.

 وفي هذه الظروف الصعبة بادر وطنيو سوريا والعراق إلى دعوة الشريف الحسين لتزعم الثورة ضد الأتراك، بصفته "أبو العرب، وزعيم الإسلام، وأعظم أمير عربي، وأجل نبيل"، ووقع الرسالة التي وجهت إلى الشريف عدد من العسكرين العراقيين والسوريين أمثال: ياسين الهاشمي وعلي رضا الركابي، إضافة إلى بعض المدنيين أمثال: عبدالغني العريسي. وحمل هذه الرسالة إلى الشريف، فوزي البكري في كانون ثاني 1915م.

 وفي لقاء عزت باشا العابد، السكرتير الثاني في عهد السلطان عبدالحميد الثاني، مع أحد موظفي الخارجية البريطانية المستر كلارك بتاريخ 14 كانون ثاني 1915م، قال فيه "لا سبيل إلى أن يقف العرب كتلة واحدة في وجه الأتراك، والتحرر من سيطرتهم إلا حول خلافة عربية، والمرشح الوحيد ذو الكفاءة الأفضلية هو الشريف الحسين شريف مكة"، وأبدى علي الميرغني، أكبر زعيم ديني في السودان، وجهة نظر مماثلة، كما أن الأمير سعيد الجزائري الذي زار مكة أثناء وجود وهيب باشا قال للشريف "إنت ثاني رجل في الدولة العلية بعد الخليفة، ومن لنا أمير غيرك إذا اصيبت الخلافة".

واضح مما سبق أن الشريف الحسين لم ينصب نفسه بنفسه زعيما للعرب في ثورتهم ضد الأتراك، ولكن العرب أحزابا، وجمعيات ، ونواد، وحكاما وشخصيات دينية وأدبية، أنفسهم هم الذين نصبوه زعيما لهم، وقائدا لثورتهم وليس أبلغ في الدلالة على ذلك مما قاله الأمير فيصل في المذكرة التي قدمها إلى مؤتمر الصلح 1919م  "لقد أصبح والدي أثناء الحرب زعيما للحركة القومية العربية نزولا عند رغبة فرعي الحركة في سوريا والعراق اللذين بعثا بنداء إليه ليتزعم الحركة".

 وكرر الأمير فيصل نفس المعنى في خطابه في المؤتمر السوري، قائلا "إن والدي دخل الحرب في صفوف الحلفاء بعد أن استوثق من العرب في الجزيرة وسوريا والعراق".