وصل سمو الأمير عبدالله على رأس قوته العسكرية إلى معان في 21 تشرين أول 1920م، وعلم الأمير استحالة مواجهة الدولتين العظميين آنذاك فرنسا وبريطانيا بما لديه من أعداد قليلة من المقاتلين، وبلا أسلحة ثقيلة أو دبابات وطائرات.

لكن ذلك لم يثن الأمير عن الاستمرار بالاستعداد، وحشد القوات، فبدأ بدعوة أهالي شرق الأردن وحكوماتها المحلية للالتفاف حوله، مما حدا بالفرنسيين اعتبار وصول الأمير عبد الله إلى شرق الأردن امراً خطيراً يهدد وجودهم في سوريا، وذلك بسبب تصريح الأمير عبد الله أنه جاء لإحياء الثورة التي خمدت في حوران، وأعلن أنه جاء وكيلا ونائبا للأمير فيصل.

 فكر الأمير في أن تكون معان العاصمة المؤقتة لحكومة سوريا في المنفى، ودعا أعضاء المؤتمر السوري للحضور إلى معان، وأرسل الشريف علي الحارثي ممثلا له في عمان، مثلما اتخذ الأمير من أحد أبنية محطة السكة الحديدية الحجازية في معان، والتي شُيد عام 1904م، مقراً له وأطلق على هذا المبنى اسم "مقر الدفاع الوطني"، حسبما ورد في جريدة الحق يعلو، وهي أول جريدة في شرق الأردن وكان يشرف على تحريرها محمد الأنسي، وعبداللطيف شاكر، وهي جريدة عربية أسبوعية، صدر منها خمسة أعداد، أربعة في معان، وعدد في عمان.

ومن مبنى مقر الدفاع الوطني، الذي سمي فيما بـعد "قصر الملك المؤسس"، بدأ الأمير عبدالله بن الحسين ممارسة نشاطاته واتخاذ قراراته السياسية، نائبا عن أخية فيصل ملك سوريا الشرعي.

في هذا الوقت كان ونستون تشيرتشل وزير المستعمرات البريطاني عقد مؤتمر القاهرة، ووضع مقترحات حول الأردن والعراق لعرضها على الأميرين عبدالله وفيصل.

عقب المؤتمر، بدأت عملية التشاور على تأسيس كيان سياسي في شرق الأردن، وبمشورة من ثوار وأحرار العرب المحيطين بالأمير، ومنهم رشيد طليع، وأحمد مريود، وافق الأمير على تأسيس الكيان السياسي. وبعد مبايعة الأمير في معان، طلب زعماء الأردن من الأمير التوجه إلى عمان، التي تواجد فيها الشريف الحارثي قبيل وصول الأمير.

 أحداث عام 1921م بين عمان وبغداد

تأسيس إمارة شرق الأردن

انطلق الأمير عبدالله بن الحسين من معان إلى عمان، وبحلول آذار 1921م، تم تأسيس إمارة شرق الأردن.

بعد وصول الأمير عبد الله إلى عمان، أوفدت الحكومة البريطانية وزير المستعمرات تشيرتشل لمقابلة الأمير، وتم الاتفاق على إنشاء حكومة دستورية تم إعلانها في 11 نيسان 1921م، وكان أول رئيس لها رشيد طليع، وبذلك اندمجت الحكومات المحلية في حكومة واحدة هي حكومة إمارة شرق الأردن.

 فيصل والعراق

على الرغم من نتائج معركة ميسلون، إلا أن العراقيين لم يقبلوا أن ينتقلوا من احتلال إلى احتلال، فقامت ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني، فرضخت حكومة الانتداب وتم عقد مؤتمر القاهرة بحضور ونستون تشيرشل وزير المستعمرات البريطاني للنظر في الوضع في العراق.

وعلى مضض قبلت الحكومة البريطانية بتغيير سياستها بالتحول من استعمار مباشر إلى حكومة إدارة وطنية تحت الانتداب، بعد تكبد القوات البريطانية في العراق خسائر فادحة.

وانعقد مجلس تأسيسي أنيط به تشكيل حكومة وطنية عراقية انتقالية برئاسة نقيب أشراف بغداد عبدالرحمن النقيب الكيلاني، وكان من مهام هذه الحكومة المناداة بملك على عرش العراق، وتشكيل الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية.

ونادى المجلس التأسيسي الذي ضم نوري السعيد باشا، ورشيد عالي الكيلاني باشا، وجعفر العسكري، وياسين الهاشمي، وعبد الوهاب النعيمي، بالأمير فيصل ملكاً على عرش العراق.